نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 259
[شرح الآيات]
والآيات الكريمة والأحاديث والآثار المروية فى أسباب نزولها تدل جميعا على أمر واحد: هو أن هذه الأعمال مع جلالة قدرها وعظيم أثرها، واتصالها بالبيت العتيق والمسجد الحرام لا تساوى ولا تصل إلى فضل الإيمان بالله والجهاد فى سبيله، فإن صدرت عن المشركين فلا قيمة لها بغير [1] الإيمان، وإن قام بها المؤمنون فلا غناء لهم بها عن صدق الإيمان، وتدعيم هذا الصدق بالجهاد فى سبيل الله بالنفس والمال، ومن حكم بغير هذا فقد ظلم الحق، وظلم نفسه بهذا الظلم، والله لا يهدى القوم الظالمين.
وحتى يتأكد هذا المعنى ويتقرر صرّح الحق تبارك وتعالى بأفضلية المجاهدين فقال:
الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ [التوبة: 20].
ثم أبان عن معنى هذا الفوز ومظاهره فقال: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [التوبة:
21، 22]، فهذا الفوز فوزان: فوز معنوى برحمة الله ورضوانه، وفوز حسّى بالجنات ذات النعيم المقيم، والأول أعلى وأجلّ، والثانى فضل من الله لا يزهد فيه أحد.
روى الشيخان عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، فيقول: هل رضيتم؟
فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك. فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك. فيقول: أحلّ عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم بعده أبدا" [2].
ومن ذلك تعلم: أن أفضل عمل العبد: الإيمان بالله، والجهاد فى سبيله، والله أعلم. [1] كتبت فى المقال بعد، وهى خطأ. وربما كانت الكلمة المفقودة: إلا بعد. [2] رواه أحمد (3/ 511) البخارى (6549) و (7518) ومسلم (2829) والترمذى (2555) والنسائى فى" الكبرى" (7749) وابن حبان (7440) عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 259